قصة (( عندما تغرب الشمس))

بينما الشمس تلملم اشعتها الذهبية الى قرصها الاحمرالدامى المتمركز فى كبد السماء والاطفال يلعبون ويمرحون امام بيوتهم فى هذه القرية الصغيرة المحدودة الاطراف وفى احد بيوت هذه القريه تنام فتاه فى العشرين من عمرها فهى اجمل فتيات القريه بقوامها الممشوق وخصرها الملتف وشعرها الاسود الفهيب فهى صاحبة جمال ودلال ومن فرط جمالها وحسن مفاتنها وشدة حياءها اطلقوا عليها اسم احلاهم فلم يعد احد يناديها باسمها الحقيقى وهو (صابحه) ولكن هذه الفاتنه قد اصابها مرض خبيث لا يرجى شفاءه فتساقط شعرها ونحل جسدها وتغيرت ملامحها
وكان لها والد يعرف الله ورسوله ومؤمن به حق الايمان وله علاقة تحفها المحبة والشهامه والنخوة مع كل اهل القريه وكان له مجلس خارج الدار يجلس مع اصدقائه بعد عودته من عمله
ووالدتها تحمل بين احشائا جنين على وشك الولاده
وتعودت نساء القريه زيارتها للاطمأنان عليها
و فى هذا اليوم دخلت احدى السيدات لزيارتهم وأبوها جالس مجلسه بعد ان اوشكت الشمس من الغروب
وتسقط ورقة من اوراق شجرة الحياة تحمل اسم ( صابحه) فى نفس الوقت التى سقطت فيه الشمس خلف الجبل المقابل للبيت
ويعج البيت بالصراخ والعويل والنحيب وبعد وقت غير طويل تدخل امرأه جاحظة العينين ممتلئة الجسد قوية البنيان سمراء البشره وحسبناها احدى المعزيات ولكنها لم تكن الا التى سوف تجهز صابحه الى الغسل والكفن فى الوقت الذى جلس والدها واصدقائه واقاربه خارج المنزل ووضع رأسه بين ركبتيه ناظرا الى الارض يمط الشفاه تحسرا على فراق ابنته الغاليه ولم يكن الجالسين معه احسن حالا منه ولم يشق هذا السكون السائد الا هذه الاقدام الكبيره المعفرة بالتراب لرجل جاء يحمل الصندوق الخاص بحمل أحلاهم الى مثواها الاخير وهو يقول كل من عليها فان
وفى الجانب الاخر من الجلوس جلس هذا الشاب النحيل ابن خالها وكان قد خطبها منذ عام تقريبا جلس وامسك بالصندوق وانشد شعرا قائلا:
الموت اختتطف البدويه والدنيا بلغت أقصاهــا
الغنم يعانى من نقص والبقرة ذبلت عيناهــــــا
ونجوما كانت تؤنسنا خفقت واندست بضياهـــا
الحزن السائد فى الوادى أشبه بخيام طويناها
الموت لحكمتك الهى فاللهم احسن مثواهــــــا
وفى هذه الاونه كانت النساء تزداد عددا فمنهن القانطه ومنه المحتسبه ومنهن الصابرة الراضيه بقضاء الله وقدره ومنه اليائسه من الدنيا
ووسط هذا الصراخ والصوت العالى ينسلخ صوت صراخ آخر ضعيف صغير وما كان الا لهذا المولود الجديد لأم صابحه وكان ولدا قد طال انتظاره قرابة الربع قرن حيث لم يكن لها اخوة الا اناث
اختلطت المشاعر بين حزن وفرح ولكنها مشيئة الله
وبعد الصلاة على صابحه فى مسجد القريه الصغير ذهبوا بها لموارتها الثرى وهنا جاء الشيخ صلاح الدين أمام المسجد يلقنها التثبيت وما ان فرغ من الدعاء حتى سأل ابيها عن أسم المولود الجديد فقال ابوها سوف اسميه عوض الله ان شاء الله لان الله عوضنى به عن ماراح منى وعاد الجميع الى البيت مابين معزى ومتحدث وواعظ ومذكر بايات الله حتى أشرقت شمس اليوم التالى
وهكذا لا تقف الدنيا بغروب شمس يوم او اشراق شمس اليوم التالى